ملخص للفصل التاسع"سهام القدر" قصة الايام + أهم الأسئلة + فيديو شرح + امتحان اون لاين
أولاً : ملخص لاحداث الفصل
ومن ذلك اليوم تغيرت نفسية صبينا تغيرًا تامًا، عرف الله حقًا وحرص على أن يتقرب إليه بكل ألوان التقرب الصدقة حينًا وبالصلاة حينًا آخر وبتلاوة القرآن مرة ثالثة، ولقد كان شهد الله ما كان يدفعه إلى ذلك خوف ولا إشفاق ولا إيثار للحياة
ثانياً : أهم الأسئلة
س1 : فيم قضى الصبي أيامه ؟ وبم وصف تلك الفترة ؟
وكذلك اتصلت أيام الصبي بين البيت والكتاب والمحكمة والمسجد وبيت المفتش ومجالس العلماء وحلقات الذكر ، لا هي بالحلوة ولا هي بالمرة ، ولكنها تحلو حينا وتمر حينا آخر ، وتمضي فيما بين ذلك فاترة سخيفة .
س2 : ما الذي عرفه الصبي فى اليوم الذى ذاق فيه الألم ؟
الأيام فاترة حتى كان يوم من الأيام ذاق الصبي فيه الألم حقا ، وعرف منذ ذلك أن تلك الآلام التي كان يشقى بها ويكره من أجلها الحياة لم تكن شيئا ، وأن الدهر قادر على أن يؤلم الناس ويؤذيهم ويحبب إليهم الحياة ويهون من أمرها على نفوسهم في وقت واحد .
س3 : بم وصف الصبي طفولة أخته الصغرى ؟ وعلام يدل ذلك ؟
كانت للصبي أخت هي صغرى أبناء الأسرة كانت في الرابعة من عمرها [.كانت خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان عذبة الحديث قوية الخيال ، كانت لهو الأسرة كلها شدة حب الأسرة والصبى للطفلة .
س4 : دار بين الطفلة ولعبها أحاديث . بم تتسم تلك الأحاديث ؟ وما تأيرها على الأسرة ؟
كانت تخلو إلى نفسها ساعات طوال في لهو وعبث ، تجلس إلى الحائط فتتحدث إليه كما تتحدث أمها إلى زائرتها وتبعث في كل اللعب التي كانت بين يديها روحا قوية وتسبغ عليها شخصية فهذه اللعبة امرأة وهذه اللعبة رجل ، وهذه اللعبة فتى ، وهذه اللعبة فتاة .
والطفلة بين هؤلاء الأشخاص جميعا تذهب وتجيء وتصل بينها الأحاديث مرة في لهو وعبث وأخرى في غيظ وغضب ومرة ثالثة في هدوء واطمئنان .
أثر ذلك على الأسرة :- وكانت الأسرة كلها تجد لذة قوية في الاستماع إلى هذه الأحاديث والنظر إلى هذه الألوان من اللعب دون أن ترى الطفلة ، أو تسمع ، أو تحس أن أحدا يرقبها .]
س5 : كيف كان استعداد الجميع للعيد ؟ ما الذي كان يفضله الصبي عندما يقبل العيد ؟
فما هي إلا أن أقبلت بوادر عيد الأضحى في سنة من السنين
- وأخذت أم الصبي تستعد لهذا العيد تهيء له الدار وتعد له الخبز وألوان الفطير .
- وأخذ إخوة الصبي يستعدون لهذا العيد يختلف كبارهم إلى الخياط حينا وإلى الحذاء حينا آخر.
- ويلهو صغارهم بهــذه الحركة الطارئة على الدار .
- فلسفة الصبي :- فينظر صبينا إلى أولئك وهؤلاء في شيء من الفلسفة كان قد تعودها فلم يكن في حاجة إلى أن يختلف إلى خياط أو حذاء وما كان ميالا إلى اللهو بمثل هذه الحركات الطارئة، وإنما كان يخلو إلى نفسه ويعيش في عالم من الخيال يستمده من هذه القصص والكتب المختلفة التي كان يقرأها فيسرف في قراءتها .
س6 : ذكر الكاتب أن إهمال الأبناء في القرى أمر عادي . وضح أسباب ذلك .
.والأطفال في القرى ومدن الأقاليم معرضون لهذا النوع من الإهمال ولا سيما إذا كانت الأسرة كثيرة العدد ، وربة البيت كثيرة العمل
س7 : الصبي حانق على نساء القرى ومدن الأقاليم وعلمهن . وضح مبينا السبب .
ولنساء القرى ومدن الأقاليم فلسفة آثمة وعلم ليس أقل منها إثما . يشكو الطفل وقلما تعني به أمه ...وأي طفل لا يشكو ! إنما هو يوم وليلة ثم يفيق ويبل [يشفى] ، فإن عنيت به أمه فهي تزدري الطبيب أو تجهله ، وهي تعتمد على هذا العلم الآثم علم النساء وأشباه النساء .
كيف فقد الكاتب بصره؟ وعلى هذا النحو فقد صبينا عينيه ؛ أصابه الرمد فأهمل أياما ، ثم دعي الحلاق فعالجه علاجا ذهب بعينيه وعلى هذا النحو فقدت هذه الطفلة الحياة.
س8 : ما مظاهر مرض الطفلة الصغرى ؟
ظلت الطفلة فاترة هامدة محمومة يوما ويوما ويوما وهي ملقاة على فراشها في ناحية من نواحي الدار . تعني بها أمها أو أختها من حين إلى حين وتدفع إليها شيئا من الغذاء الله يعلم أكان جيدا أم رديئا ؟
الحركة متصلة في البيت : يهيأ الخبز والفطير في ناحية ، وتنظف المنظرة وحجرة الاستقبال في ناحية أخرى. والصبيان في لهوهم وعبثهم والشبان في ثيابهم وأحذيتهم والشيخ يغدو ويروح ويجلس إلى أصحابه آخر النهار وأول الليل .
س9 : ما مظاهر انشغال الأسرة بمرض الطفلة عن استقبال العيد ؟
حتى إذا كان عصر اليوم الرابع وقف هذا كله فجأة :
- وعرفت أم الصبي أن شبحا مخيفا يحلق على هذه الدار ولم يكن الموت قد دخل هذه الدار من قبل ولم تكن هذه الأم الحنون قد ذاقت لذع الألم الصحيح .نعم ! كانت في عملها وإذا الطفلة تصيح صياحا منكرا فتدع أمها كل شيء وتسرع إليها
- والصياح يتصل ويزداد ، فتدع أخوات الطفلة كل شيء ويسرعن إليها
- والصياح يتصل ويشتد والطفلة تتلوى وتضطرب بين ذراعي أمها . فيدع الشيخ أصحابه ويسرع إليها
- والصياح يتصل ويشتد ، والطفلة ترتعد ارتعادا منكرا وينقبض وجهها ويتصبب العرق عليه ، فينصرف الصبيان والشبان عما هم فيه من لهو وحديث ويسرعون إليها . ولكن الصياح لا يزداد إلا شدة ، وإذا هذه الأسرة كلها واجمة مبهوتة محيطة بالطفلة لا تدري ماذا تصنع !
س10 : صف حال الأسرة عند مرض الطفلة .
فأما الشيخ : فقد أخذه الضعف الذي يأخذ الرجال في مثل هذه الحال فينصرف مهمهما بصلوات وآيات من القرآن يتوسل بها إلى الله .
وأما الشبان والصبيان : فيتسللون في شيء من الوجوم لا يكادون ينسون ما كانوا فيه من لهو وحديث ولا يكادون يستأنفونه . هم كذلك حيارى في الدار ! وأمهم جالسة واجمة تحدق في ابنتها وتسقيها ألوانا من الدواء لا أعرف ما هي .. والصياح متصل مشتد ، والاضطراب مستمر متزايد
ما كنت أحسب أن في الأطفال ؛ولما يتجاوزوا الرابعة ،قوة تعدل هذه القوة وتأتي ساعة العشاء وقد مدت المائدة مدتها كبرى أخوات الصبي،وأقبل الشيخ وبنوه فجلسوا إليها .ولكن صياح الطفلة متصل فلا تمد يد إلي طعام و إنما يتفرقون جميعا وترفع المائدة كما مدت و الطفلة تصيح وتضطرب ،
أما أمها : تحدق فيها حينا وتبسط يدها إلى السماء حينا آخر ،وقد كشفت عن رأسها وما كان من عادتها أن تفعل ولكن أبواب السماء كانت قد أغلقت فى ذلك اليوم ،فقد سبق القضاء بما لابد منه .
س11 : ما الخطأ الذي وقعت فيه الأسرة ؟وعلام يدل ؟
ومن غريب الأمر أن أحدا من هؤلاء الناس جميعا لم يفكر في الطبيب .
يدل هذا على انتشار الجهل والأمية .
س12 : صف لحظة النهاية عند وفاة الطفلة . وما الذي خيل للأم ؟ وهل كان صحيحا ؟
وتقدم الليل وأخذ صياح الفتاة يهدأ وأخذ صوتها يخف ، وأخذ اضطرابها يخف ، وخيل إلى هذه الأم التعسة أن الله قد سمع لها ولزوجها ، وأن قد أخذت الأزمة تنحل ، وأن الله كان قد رأف بها وأن خفوت الصوت وهدوء هذا الاضطراب كانا آيتي هذه الرأفة ، تنظر الأم إلى ابنتها فيخيل إليها أنها ستنام ،ثم تنظر فإذا هدوء متصل لا صوت ولاحركة وإنما هو نفس خفيف شديد الخفة يتردد بين شفتين مفتوحتين قليلا ثم ينقطع هذا النفس وإذا الطفلة قد فارقت الحياة .
ماذا كانت علتها ؟ كيف ذهبت بحياتها هذه العلة ؟ الله وحده يعلم هذا.
س13 : كيف تغيرت أحوال الأسرة بموت الطفلة ؟
- وهنا صياح آخر ويتصل ويشتد . وهنا يظهر اضطراب آخر ويتصل ويشتد ولكنه ليس صياح الطفلة ولا اضطرابها وإنما هو صياح هذه الأم وقد رأت الموت ، واضطرابها وقد أحست الثكل وإذا الشبان والصبيان قد فزعوا إلى أمهم فسبقهم إليها الشيخ .
- وإذا هي في جزع وهلع ينطق لسانها بألفاظ لا صلة بينها ويقطع الدمع صوتها تقطيعا ، وإذا هي تلطم خديها في عنف متصل وزوجها ماثل أمامها لا ينطق لسانه بحرف وإنما تنهمر دموعه انهمارا
- وإذا الجارات والجيران قد سمعوا هذا الصياح فأقبلوا مسرعين
- فأما الشيخ فينصرف إلى الرجال يتقبل عزاءهم في قوة وجلد
- وأما الشبان والصبيان فيتفرقون في الدار ، قد قست قلوب بعضهم فنام ، ورقت قلوب بعضهم فسهر
- وأما الأم ففيما هي فيه من جزع وهلع ! أمامها ابنتها هامدة جامدة ، تولول وتخمش وجهها وتصك صدرها ، ومن حولها بناتها وجاراتها يصنعن صنيعها يولولن ويخمشن الوجوه ويصككن الصدور حتى ينقضي الليل كله .
س14 : ما أشد نكر هذه الساعة . ما المقصود بهذة الساعة ؟
وما أشد نكر هذه الساعة التي أقبل فيها بعض الناس واحتملوا الطفلة ومضوا بها إلى حيث لا تعود كان ذلك اليوم يوم الأضحى ، وكانت الدار قد هيئت للعيد ، وكانت الضحايا قد أعدت فياله من يوم ! ويا لها من ضحايا ! ويا نكرها من ساعة ، حين عاد الشيخ إلى داره مع الظهر ، وقد وارى ابنته في التراب ! .
س15 : بموت الطفلة اتصلت أواصر الحزن عند الأسرة . وضح ذلك .
منذ ذلك اليوم اتصلت الأواصر بين الحزن وبين هذه الأسرة :-
فما هي إلا أشهر حتى فقد الشيخ أباه الهرم .
وما هي إلا أشهر أخرى حتى فقدت أم الصبي أمها الفانية
وإنما هو حداد متصل وألم يقفو بعضه بعضا منه اللاذع ، ومنه الهادئ ، حتى كان هذا اليوم المنكر الذي لم تعرف الأسرة يوما مثله ( يقصد الكاتب يوم وفاة أخيه الطبيب )
س16 : صف حال الأم بعد أن اتصلت أواصر الحزن .
طبع حياتها بطابع من الحزن لم يفارقها ، والذي أبيض له شعر الأبوين جميعا .
قضى على هذه الأم 1- أن تلبس السواد إلى آخر أيامها 2- وألا تذوق الفرح طعما ، ولا تضحك إلا بكت إثر ضحكها 3- ولا تنام حتى تريق بعض الدموع ولا تفيق من نومها حتى تريق دموعا أخرى 4- ولا تطعم فاكهة حتى تطعم منها الفقراء والصبيان 5- ولا تبتسم لعيد ولا تستقبل يوم سرور إلا وهي كارهة راغمة .
س17 : كيف فتك وباء الكوليرا بمصر وأهلها ؟ما الذى كانت تنتظرة الأم ؟
كان هذا اليوم يوم واحد وعشرين أغسطس من سنة 1902 م وكان الصيف منكرا في هذه السنة وكان وباء الكوليرا قد هبط إلى مصر ففتك بأهلها فتكا ذريعا دمر مدن وقرى ومحا أسرا كاملة. وكان سيدنا قد أكثر من الحجب وكتابة المخلفات وكانت المدارس والكتاتيب قد اقفلت ، وكان الأطباء ورسل مصلحة الصحة قد انبثوا في الأرض ومعهم أدواتهم وخيامهم يحجزون فيها المرضى وكان الهلع قد ملأ النفس واستأثر بالقلوب وكانت الحياة قد هانت على الناس ، وكانت كل أسرة تتحدث بما أصاب الأسر الأخرى وتنتظر حظها من المصيبة
وكانت أم الصبي في هلع مستمر ، وكانت تسأل نفسها ألف مرة في كل يوم بمن تنزل النازلة من أبنائها وبناتها !
س18 : ما الملامح الخلقية والشخصية للشاب الطبيب ؟
- كان لها ابن في الثامنة عشرة جميل المنظر رائع الطلعة ، نجيب ، ذكي القلب ، وكان أنجب الأسرة وأذكاها و أرقها قلبا ، وأصفاها طبعا ، وأبرها بأمه ، وأرأفها بأبيه ، وأرفقها بصغار إخوته وأخواته ، وكان مبتهجا أبدا ( دائما ) .
- كان قد ظفر بشهادة البكالوريا وانتسب إلى مدرسة الطب وأخذ ينتظر آخر الصيف ليذهب إلى القاهرة
- فلما كان هذا الوباء اتصل بطبيب المدينة وأخذ يرافقه ويقول : إنه يتمرن على صناعته
حتى كان يوم 20 أغسطس .
كيف أصيب الفتى الطبيب بوباء الكوليرا؟
1- أقبل الشاب آخر هذا اليوم [ 20 أغسطس ] كعادته باسما ،فلاطف أمه وداعبها وهدأ من روعها وقال : لم تصب المدينة اليوم بأكثر من عشرين إصابة وقد أخذت وطأة الوباء تخف ،لكنه مع ذلك شكا من بعض الغثيان
2- خرج إلى أبيه فجلس إليه وحدثه كعادته ،ثم ذهب إلى أصحابه فرافقهم إلى حيث كان يذهب معهم فى كل يوم عند شاطئ الإبراهيمية .فلما كان أول الليل عاد وقضى ساعة فى ضحك وعبث مع إخوته ،وفى هذه الليلة زعم لأهل البيت جميعا أن في أكل الثوم وقاية من الكوليرا ،وأكل الثوم وأخذ كبار إخوته وصغارهم بالأكل منه وحاول أن يقنع أبويه بذلك فلم يوفق .
3- كانت الدار هادئة مغرقة في النوم كبارها وصغارها وحيوانها عندما انتصف الليل .ولكن صيحة غريبة ملأت هذا الجو الهادئ ، فهب لها القوم جميعا . فأما الشيخ وزوجته فكانا في هذا الدهليز المنبسط الذي تظله السماء يدعوان ابنهما باسمه ، وأما الصبيان فكانوا يجلسون يحكون أعينهم بأيديهم يحاولون أن يتبينوا في شيء من الهلع من أين يأتي الصوت وماذا كانت الحركة الغريبة !
س19 : ( من أين يأتي الصوت وماذا كانت الحركة الغريبة ) ** ما مصدر الصوت ؟ وعلام حرص صاحبه ؟
وكان مصدر هذا كله صوت هذا الفتى وهو يعالج القيء ، وكان الفتى قد قضى ساعة أو ساعتين يخرج من الحجرة على أطراف قدميه ويمضي إلى الخلاء ليقيئ مجتهدا ألا يوقظ أحدا حتى إذا بلغت العلة منه أقصاها لم يملك نفسه ولم يستطع أن يقئ في لطف ، فسمع أبواه هذه الحشرجة ففزعا لها ، وفزع معهما أهل الدار جميعا .
س20 : ماذا فعل الوالد الشيخ عندما علم أن ابنه قد أصيب بالوباء ؟
إذا فقد أصيب الشاب ووجد الوباء طريقه إلى الدار ، عرفت أم الصبي بأي أبنائها تنزل النازلة .
لقد كان الشيخ في تلك الليلة خليقا بالإعجاب حقا [علل]. كان هادئا رزينا مروعا مع ذلك ، ولكنه يملك نفسه وكان في صوته شيء يدل على أن قلبه مفطور ، وعلى أنه مع ذلك جلد مستعد لاحتمال النازلة . آوى ابنه إلى حجرته وأمر بالفصل بينه وبين بقية إخوته ، وخرج مسرعا فدعا جارين من جيرانه وما هي إلا ساعة حتى عاد ومعه الطبيب .
س21 : ما موقف الأم وأبنائها من إصابة الفتى بالوباء ؟وما موقف الفتى منهم ؟
وفي أثناء ذلك كانت أم الفتى مروعة جلدة مؤمنة تعني بابنها ، حتى إذا أمهله القيء خرجت إلى الدهليز فرفعت يديها ووجهها إلى السماء وفنيت في الدعاء والصلاة ، حتى تسمع حشرجة القيء فتسرع إلى ابنها تسنده إلى صدرها وتأخذ رأسه بين يديها ، ولسانها مع ذلك لا يكف عن الدعاء والابتهال .
ولم تستطع أن تحول بين الصبيان والشاب وبين المريض ، فملئوا عليه الحجرة وأحاطوا به واجمين ، وهو يداعب أمه كلما أمهله القيء ، ويعبث مع صغار إخوته .
حتى إذا جاء الطبيب فوصف ما وصف وأمر بما أمر وانصرف على أن يعود مع الصبح ، لزمت أم الفتى حجرة ابنها وجلس الشيخ قريبا من هذه الحجرة واجما لا يدعو ولا يصلي ولا يجيب أحدا من الذين كانوا يتحدثون إليه .
س22 : كيف عانى الفتى من آلام الوباء ؟ وكيف شاركت القرية الأسرة مصيبتها ؟
وأقبل الصبح بعد لأي ( شدة وبطء ) ، وأخذ الفتى يشكو ألما في ساقيه ، وأقبلت إليه أخواته يدلكن له ساقيه ، وهو يشكو صائحا مرة وكاتما مرة أخرى ، والقيء يجهده ويخلع في الوقت نفسه قلب أبويه .وقضت الأسرة صباحا لم تقض مثله قط : صباحا واجما مظلما فيه شيء مفزع مروع .فأما خارج الدار فكان يزدحم بالناس أقبلوا إلى الشيخ يواسونه . وأما داخل الدار فكان مزدحما بالنساء أقبلن يواسين أم الفتى . وكان الشيخ وزوجه عن أولئك وهؤلاء في شغل وكان الطبيب يتردد بين ساعة وساعة .
س23 : ماذا طلب الفتة متعجلا فر مرضه ؟ ولماذا ؟
وكان الفتى قد طلب أن يبرق إلى أخيه الأزهري في القاهرة وإلى عمه في أعلى الإقليم . وكان يطلب الساعة من حين إلى حين ينظر فيها كأنه يتعجل الوقت ، وكأنه يشفق أن يموت دون أن يرى أخاه الشاب وعمه الشيخ . يالها من ساعة منكرة ! هذه الساعة الثالثة من الخميس 21 أغسطس سنة 1902 م .
انصرف الطبيب من الحجرة يائسا وكأنه قد أسر إلى رجلين من أقرب أصحاب الشيخ إليه بأن الفتى يحتضر فأقبل الرجلان حتى دخلا الحجرة على الفتى ومعه أمه . ظهرت في هذا اليوم لأول مرة في حياتها أمام الرجال .
س24 : أيقن الفتى بالموت . فكيف عالج سكراته ؟ وأين كان صبينا عندئذ ؟
وجد رجلان كانا يواسيان الفتى . فبم أجابهما ؟ وعلام تدل إجابته ؟
والفتى في سريره يتضور : يقف ثم يلقي بنفسه ثم يجلس ثم يطلب الساعة ثم يعالج القيء وأمه واجمة والرجال يواسيانه وهو يجيبهما : لست خيرا من النبي .اليس النبي قد مات ؟ ! ويدعو أباه يريد أن يواسيه فلا يجيبه الشيخ وهو يقوم ويقعد ويلقي نفسه في السرير مرة ومن دون السرير مرة أخرى ، وصبينا منزو في ناحية من نواحي الحجرة ، واجم كئيب دهش يمزق الحزن قلبه تمزيقا .
ثم ألقى نفسه على السرير وعجز عن الحركة ، وأخذ يئن أنينا يخفت من حين إلى حين وكان صوت هذا الأنين يبعد شيئا فشيئا . وأن الصبي لينسى كل شيء قبل أن ينسى هذه الأنة الأخيرة التي أرسلها الفتى نحيلة ضئيلة طويلة ثم سكت .
س25 : ما شعور الأم حين رأت ابنها يعالج سكرات الموت ؟
في هذه اللحظة نهضت أم الفتى وقد انتهى صبرها ووهى جلدها ، فلم تكد تقف حتى هوت أو كادت ، وأسندها الرجلان فتمالكت نفسها وخرجت من الحجرة مطرقة ساعة في هدوء ، حتى إذا جاوزتها انبعثت من صدرها شكاة ، لا يذكرها الصبي إلا انخلع لها قلبه انخلاعا .
واضطرب الفتى قليلا ومرت في جسمه رعدة تبعها سكوت الموت . وأقبل الرجلان إليه فهيآه وعصباه وألقيا على وجهه لثاما وخرجا إلى الشيخ .
ثم ذكرا أن الصبي منزو في ناحية من نواحي الحجرة ، فعاد أحدهما إليه فجذبه جذبا وهو ذاهل حتى انتهى به إلى مكان بين الناس فوضعه فيه كما يوضع الشيء .
وما هي إلا ساعة أو بعض ساعة حتى هيئ الفتى للدفن وخرج الرجال به على أعناقهم .
س26 : لم تعجب الصبي من القضاء ؟
فيا للقضاء ! ما كادوا يبلغون به الدار حتى كان أول من لقي النعش هذا العم الشيخ الذي كان الفتى يتمهل الموت دقائق ليراه .
س27 : طبع رحيل الفتى الأسرة بطابع من البكاء المستمر العام والحزن المتواصل .وضح
من ذلك اليوم استقر الحزن العميق في هذه الدار وأصبح إظهار الابتهاج أ السرور بأي حادث من الحوادث شيئا ينبغي أن يتجنبه الشبان والأطفال جميعا .
من ذلك اليوم تعود الشيخ ألا يجلس إلى غدائه ولا إلى عشائه حتى يذكر ابنه ويبكيه ساعة أو بعض ساعة ، وأمامه امرأته تعينه على البكاء ، ومن حوله أبناؤه وبناته يحاولون تعزية هذين الأبوين فلا يبلغون منهما شيئا فيجهشون جميعا بالبكاء .
من ذلك اليوم تعودت هذه الأسرة أن تعبر النيل إلى مقر الموتى من حين إلى حين ، وكانت من قبل تعيب الذين يزورون الموتى
س28 : كيف تأثر الصبي برحيل أخيه الفتى ؟ أجب
( من أراد واعظا فالموت يكفيه ) هل انتفع الصبي بذلك ؟
ومن ذلك اليوم تغيرت نفسية صبينا تغيرا تاما ، عرف الله حقا وحرص على أن يتقرب إلى الله بكل ألوان التقرب : بالصدقة حينا وبالصلاة حينا آخر وبتلاوة القرآن مرة ثالثة ولقد شهد الله ما كان يدفعه إلى ذلك خوف ولا إشفاق ولا إيثار للحياة ولكنه كان يعلم أن أخاه الشاب كان من أبناء المدارس وكان يقصر في أداء واجباته الدينية ، فكان الصبي يأتي ما يأتي من ضروب العبادة يريد أن يحط عن أخيه بعض السيئات
س29 : كيف فكر الصبي في الإحسان لأخيه الراحل ؟ وعلام يدل ذلك ؟
كان أخوه في الثامنة عشرة من عمره ، وكان الصبي قد سمع من الشيوخ أن الصلاة والصوم فرض على الإنسان متى بلغ الخامسة عشرة ، فقدر الصبي في نفسه أن أخاه مدين لله بالصوم الصلاة ثلاثة أعوام كاملة ، وفرض الصبي على نفسه ليصلين الخمس في كل يوم مرتين : مرة لنفسه ومرة لأخيه ! وليصومن من السنة شهرين : شهرا لنفسه وشهرا لأخيه ، وليكتمن ذلك عن أهله جميعا وليجعلن ذلك عهدا بينه وبين الله خاصة ، وليطعمن فقيرا أو يتما مما تصل إليه يده من طعام أو فاكهة قبل أن يأخذ بحظه منه . وشهد الله لقد وفى الصبي بهذا العهد أشهرا وما غير مسرته هذه إلا حين ذهب إلى الأزهر
س30 : كانت على الشاب الطبيب تتمثل لأخيه الصبي كل ليلة . وضح مظاهر ذلك .
من ذلك اليوم عرف الصبي أرق الليل فكم أنفق سواد الليل كاملا يفكر في أخيه ويقرأ سورة الإخلاص آلاف المرات ثم يهب ذلك كله لأخيه ، أو ينظم شعرا على نحو هذا الشعر الذي كان يقرؤه في كتب القصص يذكر فيه حزنه وألمه لفقد أخيه ، معنيا بألا يفرغ من قصيدة حتى يصلي في آخرها على النبي واهبا ثواب هذه الصلاة لأخيه
نعم ! ومن ذلك اليوم عرف الصبي الأحلام المروعة ، فقد كانت علة أخيه تتمثل له كل ليلة ، واستمرت الحال كذلك أعواما . ثم تقدمت به السن وعمل فيه الأزهر عمله ، فأخذت علة أخيه تتمثل له من حين إلى حين ، وأصبح فتى ورجلا ، وتقلبت به أطوار الحياة ، وإنه لعلى ما هو فيه من وفاء لهذا الأخ يذكره ويراه فيما يرى النائم مرة في الأسبوع على أقل تقدير .
ولقد تعزى عن هذا الفتى إخوته وأخواته ، ونسيه من نسيه من أصحابه وأترابه ، وأخذت ذكراه لا تزور أباه الشيخ إلا لماما ، ولكن اثنين يذكرانه أبدا وسيذكرانه أبدا ، وسيذكرانه أبدا أول الليل من كل يوم ، هما أمه وهذا الصبي .
وكذلك اتصلت أيام الصبي بين البيت والكتاب والمحكمة والمسجد وبيت المفتش ومجالس العلماء وحلقات الذكر ، لا هي بالحلوة ولا هي بالمرة ، ولكنها تحلو حينا وتمر حينا آخر ، وتمضي فيما بين ذلك فاترة سخيفة .
س2 : ما الذي عرفه الصبي فى اليوم الذى ذاق فيه الألم ؟
الأيام فاترة حتى كان يوم من الأيام ذاق الصبي فيه الألم حقا ، وعرف منذ ذلك أن تلك الآلام التي كان يشقى بها ويكره من أجلها الحياة لم تكن شيئا ، وأن الدهر قادر على أن يؤلم الناس ويؤذيهم ويحبب إليهم الحياة ويهون من أمرها على نفوسهم في وقت واحد .
س3 : بم وصف الصبي طفولة أخته الصغرى ؟ وعلام يدل ذلك ؟
كانت للصبي أخت هي صغرى أبناء الأسرة كانت في الرابعة من عمرها [.كانت خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان عذبة الحديث قوية الخيال ، كانت لهو الأسرة كلها شدة حب الأسرة والصبى للطفلة .
س4 : دار بين الطفلة ولعبها أحاديث . بم تتسم تلك الأحاديث ؟ وما تأيرها على الأسرة ؟
كانت تخلو إلى نفسها ساعات طوال في لهو وعبث ، تجلس إلى الحائط فتتحدث إليه كما تتحدث أمها إلى زائرتها وتبعث في كل اللعب التي كانت بين يديها روحا قوية وتسبغ عليها شخصية فهذه اللعبة امرأة وهذه اللعبة رجل ، وهذه اللعبة فتى ، وهذه اللعبة فتاة .
والطفلة بين هؤلاء الأشخاص جميعا تذهب وتجيء وتصل بينها الأحاديث مرة في لهو وعبث وأخرى في غيظ وغضب ومرة ثالثة في هدوء واطمئنان .
أثر ذلك على الأسرة :- وكانت الأسرة كلها تجد لذة قوية في الاستماع إلى هذه الأحاديث والنظر إلى هذه الألوان من اللعب دون أن ترى الطفلة ، أو تسمع ، أو تحس أن أحدا يرقبها .]
س5 : كيف كان استعداد الجميع للعيد ؟ ما الذي كان يفضله الصبي عندما يقبل العيد ؟
فما هي إلا أن أقبلت بوادر عيد الأضحى في سنة من السنين
- وأخذت أم الصبي تستعد لهذا العيد تهيء له الدار وتعد له الخبز وألوان الفطير .
- وأخذ إخوة الصبي يستعدون لهذا العيد يختلف كبارهم إلى الخياط حينا وإلى الحذاء حينا آخر.
- ويلهو صغارهم بهــذه الحركة الطارئة على الدار .
- فلسفة الصبي :- فينظر صبينا إلى أولئك وهؤلاء في شيء من الفلسفة كان قد تعودها فلم يكن في حاجة إلى أن يختلف إلى خياط أو حذاء وما كان ميالا إلى اللهو بمثل هذه الحركات الطارئة، وإنما كان يخلو إلى نفسه ويعيش في عالم من الخيال يستمده من هذه القصص والكتب المختلفة التي كان يقرأها فيسرف في قراءتها .
.والأطفال في القرى ومدن الأقاليم معرضون لهذا النوع من الإهمال ولا سيما إذا كانت الأسرة كثيرة العدد ، وربة البيت كثيرة العمل
س7 : الصبي حانق على نساء القرى ومدن الأقاليم وعلمهن . وضح مبينا السبب .
ولنساء القرى ومدن الأقاليم فلسفة آثمة وعلم ليس أقل منها إثما . يشكو الطفل وقلما تعني به أمه ...وأي طفل لا يشكو ! إنما هو يوم وليلة ثم يفيق ويبل [يشفى] ، فإن عنيت به أمه فهي تزدري الطبيب أو تجهله ، وهي تعتمد على هذا العلم الآثم علم النساء وأشباه النساء .
كيف فقد الكاتب بصره؟ وعلى هذا النحو فقد صبينا عينيه ؛ أصابه الرمد فأهمل أياما ، ثم دعي الحلاق فعالجه علاجا ذهب بعينيه وعلى هذا النحو فقدت هذه الطفلة الحياة.
س8 : ما مظاهر مرض الطفلة الصغرى ؟
ظلت الطفلة فاترة هامدة محمومة يوما ويوما ويوما وهي ملقاة على فراشها في ناحية من نواحي الدار . تعني بها أمها أو أختها من حين إلى حين وتدفع إليها شيئا من الغذاء الله يعلم أكان جيدا أم رديئا ؟
الحركة متصلة في البيت : يهيأ الخبز والفطير في ناحية ، وتنظف المنظرة وحجرة الاستقبال في ناحية أخرى. والصبيان في لهوهم وعبثهم والشبان في ثيابهم وأحذيتهم والشيخ يغدو ويروح ويجلس إلى أصحابه آخر النهار وأول الليل .
س9 : ما مظاهر انشغال الأسرة بمرض الطفلة عن استقبال العيد ؟
حتى إذا كان عصر اليوم الرابع وقف هذا كله فجأة :
- وعرفت أم الصبي أن شبحا مخيفا يحلق على هذه الدار ولم يكن الموت قد دخل هذه الدار من قبل ولم تكن هذه الأم الحنون قد ذاقت لذع الألم الصحيح .نعم ! كانت في عملها وإذا الطفلة تصيح صياحا منكرا فتدع أمها كل شيء وتسرع إليها
- والصياح يتصل ويزداد ، فتدع أخوات الطفلة كل شيء ويسرعن إليها
- والصياح يتصل ويشتد والطفلة تتلوى وتضطرب بين ذراعي أمها . فيدع الشيخ أصحابه ويسرع إليها
- والصياح يتصل ويشتد ، والطفلة ترتعد ارتعادا منكرا وينقبض وجهها ويتصبب العرق عليه ، فينصرف الصبيان والشبان عما هم فيه من لهو وحديث ويسرعون إليها . ولكن الصياح لا يزداد إلا شدة ، وإذا هذه الأسرة كلها واجمة مبهوتة محيطة بالطفلة لا تدري ماذا تصنع !
فأما الشيخ : فقد أخذه الضعف الذي يأخذ الرجال في مثل هذه الحال فينصرف مهمهما بصلوات وآيات من القرآن يتوسل بها إلى الله .
وأما الشبان والصبيان : فيتسللون في شيء من الوجوم لا يكادون ينسون ما كانوا فيه من لهو وحديث ولا يكادون يستأنفونه . هم كذلك حيارى في الدار ! وأمهم جالسة واجمة تحدق في ابنتها وتسقيها ألوانا من الدواء لا أعرف ما هي .. والصياح متصل مشتد ، والاضطراب مستمر متزايد
ما كنت أحسب أن في الأطفال ؛ولما يتجاوزوا الرابعة ،قوة تعدل هذه القوة وتأتي ساعة العشاء وقد مدت المائدة مدتها كبرى أخوات الصبي،وأقبل الشيخ وبنوه فجلسوا إليها .ولكن صياح الطفلة متصل فلا تمد يد إلي طعام و إنما يتفرقون جميعا وترفع المائدة كما مدت و الطفلة تصيح وتضطرب ،
أما أمها : تحدق فيها حينا وتبسط يدها إلى السماء حينا آخر ،وقد كشفت عن رأسها وما كان من عادتها أن تفعل ولكن أبواب السماء كانت قد أغلقت فى ذلك اليوم ،فقد سبق القضاء بما لابد منه .
س11 : ما الخطأ الذي وقعت فيه الأسرة ؟وعلام يدل ؟
ومن غريب الأمر أن أحدا من هؤلاء الناس جميعا لم يفكر في الطبيب .
يدل هذا على انتشار الجهل والأمية .
س12 : صف لحظة النهاية عند وفاة الطفلة . وما الذي خيل للأم ؟ وهل كان صحيحا ؟
وتقدم الليل وأخذ صياح الفتاة يهدأ وأخذ صوتها يخف ، وأخذ اضطرابها يخف ، وخيل إلى هذه الأم التعسة أن الله قد سمع لها ولزوجها ، وأن قد أخذت الأزمة تنحل ، وأن الله كان قد رأف بها وأن خفوت الصوت وهدوء هذا الاضطراب كانا آيتي هذه الرأفة ، تنظر الأم إلى ابنتها فيخيل إليها أنها ستنام ،ثم تنظر فإذا هدوء متصل لا صوت ولاحركة وإنما هو نفس خفيف شديد الخفة يتردد بين شفتين مفتوحتين قليلا ثم ينقطع هذا النفس وإذا الطفلة قد فارقت الحياة .
ماذا كانت علتها ؟ كيف ذهبت بحياتها هذه العلة ؟ الله وحده يعلم هذا.
س13 : كيف تغيرت أحوال الأسرة بموت الطفلة ؟
- وهنا صياح آخر ويتصل ويشتد . وهنا يظهر اضطراب آخر ويتصل ويشتد ولكنه ليس صياح الطفلة ولا اضطرابها وإنما هو صياح هذه الأم وقد رأت الموت ، واضطرابها وقد أحست الثكل وإذا الشبان والصبيان قد فزعوا إلى أمهم فسبقهم إليها الشيخ .
- وإذا هي في جزع وهلع ينطق لسانها بألفاظ لا صلة بينها ويقطع الدمع صوتها تقطيعا ، وإذا هي تلطم خديها في عنف متصل وزوجها ماثل أمامها لا ينطق لسانه بحرف وإنما تنهمر دموعه انهمارا
- وإذا الجارات والجيران قد سمعوا هذا الصياح فأقبلوا مسرعين
- فأما الشيخ فينصرف إلى الرجال يتقبل عزاءهم في قوة وجلد
- وأما الشبان والصبيان فيتفرقون في الدار ، قد قست قلوب بعضهم فنام ، ورقت قلوب بعضهم فسهر
- وأما الأم ففيما هي فيه من جزع وهلع ! أمامها ابنتها هامدة جامدة ، تولول وتخمش وجهها وتصك صدرها ، ومن حولها بناتها وجاراتها يصنعن صنيعها يولولن ويخمشن الوجوه ويصككن الصدور حتى ينقضي الليل كله .
وما أشد نكر هذه الساعة التي أقبل فيها بعض الناس واحتملوا الطفلة ومضوا بها إلى حيث لا تعود كان ذلك اليوم يوم الأضحى ، وكانت الدار قد هيئت للعيد ، وكانت الضحايا قد أعدت فياله من يوم ! ويا لها من ضحايا ! ويا نكرها من ساعة ، حين عاد الشيخ إلى داره مع الظهر ، وقد وارى ابنته في التراب ! .
س15 : بموت الطفلة اتصلت أواصر الحزن عند الأسرة . وضح ذلك .
منذ ذلك اليوم اتصلت الأواصر بين الحزن وبين هذه الأسرة :-
فما هي إلا أشهر حتى فقد الشيخ أباه الهرم .
وما هي إلا أشهر أخرى حتى فقدت أم الصبي أمها الفانية
وإنما هو حداد متصل وألم يقفو بعضه بعضا منه اللاذع ، ومنه الهادئ ، حتى كان هذا اليوم المنكر الذي لم تعرف الأسرة يوما مثله ( يقصد الكاتب يوم وفاة أخيه الطبيب )
س16 : صف حال الأم بعد أن اتصلت أواصر الحزن .
طبع حياتها بطابع من الحزن لم يفارقها ، والذي أبيض له شعر الأبوين جميعا .
قضى على هذه الأم 1- أن تلبس السواد إلى آخر أيامها 2- وألا تذوق الفرح طعما ، ولا تضحك إلا بكت إثر ضحكها 3- ولا تنام حتى تريق بعض الدموع ولا تفيق من نومها حتى تريق دموعا أخرى 4- ولا تطعم فاكهة حتى تطعم منها الفقراء والصبيان 5- ولا تبتسم لعيد ولا تستقبل يوم سرور إلا وهي كارهة راغمة .
س17 : كيف فتك وباء الكوليرا بمصر وأهلها ؟ما الذى كانت تنتظرة الأم ؟
كان هذا اليوم يوم واحد وعشرين أغسطس من سنة 1902 م وكان الصيف منكرا في هذه السنة وكان وباء الكوليرا قد هبط إلى مصر ففتك بأهلها فتكا ذريعا دمر مدن وقرى ومحا أسرا كاملة. وكان سيدنا قد أكثر من الحجب وكتابة المخلفات وكانت المدارس والكتاتيب قد اقفلت ، وكان الأطباء ورسل مصلحة الصحة قد انبثوا في الأرض ومعهم أدواتهم وخيامهم يحجزون فيها المرضى وكان الهلع قد ملأ النفس واستأثر بالقلوب وكانت الحياة قد هانت على الناس ، وكانت كل أسرة تتحدث بما أصاب الأسر الأخرى وتنتظر حظها من المصيبة
وكانت أم الصبي في هلع مستمر ، وكانت تسأل نفسها ألف مرة في كل يوم بمن تنزل النازلة من أبنائها وبناتها !
س18 : ما الملامح الخلقية والشخصية للشاب الطبيب ؟
- كان لها ابن في الثامنة عشرة جميل المنظر رائع الطلعة ، نجيب ، ذكي القلب ، وكان أنجب الأسرة وأذكاها و أرقها قلبا ، وأصفاها طبعا ، وأبرها بأمه ، وأرأفها بأبيه ، وأرفقها بصغار إخوته وأخواته ، وكان مبتهجا أبدا ( دائما ) .
- كان قد ظفر بشهادة البكالوريا وانتسب إلى مدرسة الطب وأخذ ينتظر آخر الصيف ليذهب إلى القاهرة
- فلما كان هذا الوباء اتصل بطبيب المدينة وأخذ يرافقه ويقول : إنه يتمرن على صناعته
كيف أصيب الفتى الطبيب بوباء الكوليرا؟
1- أقبل الشاب آخر هذا اليوم [ 20 أغسطس ] كعادته باسما ،فلاطف أمه وداعبها وهدأ من روعها وقال : لم تصب المدينة اليوم بأكثر من عشرين إصابة وقد أخذت وطأة الوباء تخف ،لكنه مع ذلك شكا من بعض الغثيان
2- خرج إلى أبيه فجلس إليه وحدثه كعادته ،ثم ذهب إلى أصحابه فرافقهم إلى حيث كان يذهب معهم فى كل يوم عند شاطئ الإبراهيمية .فلما كان أول الليل عاد وقضى ساعة فى ضحك وعبث مع إخوته ،وفى هذه الليلة زعم لأهل البيت جميعا أن في أكل الثوم وقاية من الكوليرا ،وأكل الثوم وأخذ كبار إخوته وصغارهم بالأكل منه وحاول أن يقنع أبويه بذلك فلم يوفق .
3- كانت الدار هادئة مغرقة في النوم كبارها وصغارها وحيوانها عندما انتصف الليل .ولكن صيحة غريبة ملأت هذا الجو الهادئ ، فهب لها القوم جميعا . فأما الشيخ وزوجته فكانا في هذا الدهليز المنبسط الذي تظله السماء يدعوان ابنهما باسمه ، وأما الصبيان فكانوا يجلسون يحكون أعينهم بأيديهم يحاولون أن يتبينوا في شيء من الهلع من أين يأتي الصوت وماذا كانت الحركة الغريبة !
س19 : ( من أين يأتي الصوت وماذا كانت الحركة الغريبة ) ** ما مصدر الصوت ؟ وعلام حرص صاحبه ؟
وكان مصدر هذا كله صوت هذا الفتى وهو يعالج القيء ، وكان الفتى قد قضى ساعة أو ساعتين يخرج من الحجرة على أطراف قدميه ويمضي إلى الخلاء ليقيئ مجتهدا ألا يوقظ أحدا حتى إذا بلغت العلة منه أقصاها لم يملك نفسه ولم يستطع أن يقئ في لطف ، فسمع أبواه هذه الحشرجة ففزعا لها ، وفزع معهما أهل الدار جميعا .
س20 : ماذا فعل الوالد الشيخ عندما علم أن ابنه قد أصيب بالوباء ؟
إذا فقد أصيب الشاب ووجد الوباء طريقه إلى الدار ، عرفت أم الصبي بأي أبنائها تنزل النازلة .
لقد كان الشيخ في تلك الليلة خليقا بالإعجاب حقا [علل]. كان هادئا رزينا مروعا مع ذلك ، ولكنه يملك نفسه وكان في صوته شيء يدل على أن قلبه مفطور ، وعلى أنه مع ذلك جلد مستعد لاحتمال النازلة . آوى ابنه إلى حجرته وأمر بالفصل بينه وبين بقية إخوته ، وخرج مسرعا فدعا جارين من جيرانه وما هي إلا ساعة حتى عاد ومعه الطبيب .
س21 : ما موقف الأم وأبنائها من إصابة الفتى بالوباء ؟وما موقف الفتى منهم ؟
وفي أثناء ذلك كانت أم الفتى مروعة جلدة مؤمنة تعني بابنها ، حتى إذا أمهله القيء خرجت إلى الدهليز فرفعت يديها ووجهها إلى السماء وفنيت في الدعاء والصلاة ، حتى تسمع حشرجة القيء فتسرع إلى ابنها تسنده إلى صدرها وتأخذ رأسه بين يديها ، ولسانها مع ذلك لا يكف عن الدعاء والابتهال .
ولم تستطع أن تحول بين الصبيان والشاب وبين المريض ، فملئوا عليه الحجرة وأحاطوا به واجمين ، وهو يداعب أمه كلما أمهله القيء ، ويعبث مع صغار إخوته .
حتى إذا جاء الطبيب فوصف ما وصف وأمر بما أمر وانصرف على أن يعود مع الصبح ، لزمت أم الفتى حجرة ابنها وجلس الشيخ قريبا من هذه الحجرة واجما لا يدعو ولا يصلي ولا يجيب أحدا من الذين كانوا يتحدثون إليه .
س22 : كيف عانى الفتى من آلام الوباء ؟ وكيف شاركت القرية الأسرة مصيبتها ؟
وأقبل الصبح بعد لأي ( شدة وبطء ) ، وأخذ الفتى يشكو ألما في ساقيه ، وأقبلت إليه أخواته يدلكن له ساقيه ، وهو يشكو صائحا مرة وكاتما مرة أخرى ، والقيء يجهده ويخلع في الوقت نفسه قلب أبويه .وقضت الأسرة صباحا لم تقض مثله قط : صباحا واجما مظلما فيه شيء مفزع مروع .فأما خارج الدار فكان يزدحم بالناس أقبلوا إلى الشيخ يواسونه . وأما داخل الدار فكان مزدحما بالنساء أقبلن يواسين أم الفتى . وكان الشيخ وزوجه عن أولئك وهؤلاء في شغل وكان الطبيب يتردد بين ساعة وساعة .
س23 : ماذا طلب الفتة متعجلا فر مرضه ؟ ولماذا ؟
وكان الفتى قد طلب أن يبرق إلى أخيه الأزهري في القاهرة وإلى عمه في أعلى الإقليم . وكان يطلب الساعة من حين إلى حين ينظر فيها كأنه يتعجل الوقت ، وكأنه يشفق أن يموت دون أن يرى أخاه الشاب وعمه الشيخ . يالها من ساعة منكرة ! هذه الساعة الثالثة من الخميس 21 أغسطس سنة 1902 م .
انصرف الطبيب من الحجرة يائسا وكأنه قد أسر إلى رجلين من أقرب أصحاب الشيخ إليه بأن الفتى يحتضر فأقبل الرجلان حتى دخلا الحجرة على الفتى ومعه أمه . ظهرت في هذا اليوم لأول مرة في حياتها أمام الرجال .
س24 : أيقن الفتى بالموت . فكيف عالج سكراته ؟ وأين كان صبينا عندئذ ؟
وجد رجلان كانا يواسيان الفتى . فبم أجابهما ؟ وعلام تدل إجابته ؟
والفتى في سريره يتضور : يقف ثم يلقي بنفسه ثم يجلس ثم يطلب الساعة ثم يعالج القيء وأمه واجمة والرجال يواسيانه وهو يجيبهما : لست خيرا من النبي .اليس النبي قد مات ؟ ! ويدعو أباه يريد أن يواسيه فلا يجيبه الشيخ وهو يقوم ويقعد ويلقي نفسه في السرير مرة ومن دون السرير مرة أخرى ، وصبينا منزو في ناحية من نواحي الحجرة ، واجم كئيب دهش يمزق الحزن قلبه تمزيقا .
ثم ألقى نفسه على السرير وعجز عن الحركة ، وأخذ يئن أنينا يخفت من حين إلى حين وكان صوت هذا الأنين يبعد شيئا فشيئا . وأن الصبي لينسى كل شيء قبل أن ينسى هذه الأنة الأخيرة التي أرسلها الفتى نحيلة ضئيلة طويلة ثم سكت .
س25 : ما شعور الأم حين رأت ابنها يعالج سكرات الموت ؟
في هذه اللحظة نهضت أم الفتى وقد انتهى صبرها ووهى جلدها ، فلم تكد تقف حتى هوت أو كادت ، وأسندها الرجلان فتمالكت نفسها وخرجت من الحجرة مطرقة ساعة في هدوء ، حتى إذا جاوزتها انبعثت من صدرها شكاة ، لا يذكرها الصبي إلا انخلع لها قلبه انخلاعا .
واضطرب الفتى قليلا ومرت في جسمه رعدة تبعها سكوت الموت . وأقبل الرجلان إليه فهيآه وعصباه وألقيا على وجهه لثاما وخرجا إلى الشيخ .
ثم ذكرا أن الصبي منزو في ناحية من نواحي الحجرة ، فعاد أحدهما إليه فجذبه جذبا وهو ذاهل حتى انتهى به إلى مكان بين الناس فوضعه فيه كما يوضع الشيء .
وما هي إلا ساعة أو بعض ساعة حتى هيئ الفتى للدفن وخرج الرجال به على أعناقهم .
س26 : لم تعجب الصبي من القضاء ؟
فيا للقضاء ! ما كادوا يبلغون به الدار حتى كان أول من لقي النعش هذا العم الشيخ الذي كان الفتى يتمهل الموت دقائق ليراه .
س27 : طبع رحيل الفتى الأسرة بطابع من البكاء المستمر العام والحزن المتواصل .وضح
من ذلك اليوم استقر الحزن العميق في هذه الدار وأصبح إظهار الابتهاج أ السرور بأي حادث من الحوادث شيئا ينبغي أن يتجنبه الشبان والأطفال جميعا .
من ذلك اليوم تعود الشيخ ألا يجلس إلى غدائه ولا إلى عشائه حتى يذكر ابنه ويبكيه ساعة أو بعض ساعة ، وأمامه امرأته تعينه على البكاء ، ومن حوله أبناؤه وبناته يحاولون تعزية هذين الأبوين فلا يبلغون منهما شيئا فيجهشون جميعا بالبكاء .
من ذلك اليوم تعودت هذه الأسرة أن تعبر النيل إلى مقر الموتى من حين إلى حين ، وكانت من قبل تعيب الذين يزورون الموتى
س28 : كيف تأثر الصبي برحيل أخيه الفتى ؟ أجب
( من أراد واعظا فالموت يكفيه ) هل انتفع الصبي بذلك ؟
ومن ذلك اليوم تغيرت نفسية صبينا تغيرا تاما ، عرف الله حقا وحرص على أن يتقرب إلى الله بكل ألوان التقرب : بالصدقة حينا وبالصلاة حينا آخر وبتلاوة القرآن مرة ثالثة ولقد شهد الله ما كان يدفعه إلى ذلك خوف ولا إشفاق ولا إيثار للحياة ولكنه كان يعلم أن أخاه الشاب كان من أبناء المدارس وكان يقصر في أداء واجباته الدينية ، فكان الصبي يأتي ما يأتي من ضروب العبادة يريد أن يحط عن أخيه بعض السيئات
س29 : كيف فكر الصبي في الإحسان لأخيه الراحل ؟ وعلام يدل ذلك ؟
كان أخوه في الثامنة عشرة من عمره ، وكان الصبي قد سمع من الشيوخ أن الصلاة والصوم فرض على الإنسان متى بلغ الخامسة عشرة ، فقدر الصبي في نفسه أن أخاه مدين لله بالصوم الصلاة ثلاثة أعوام كاملة ، وفرض الصبي على نفسه ليصلين الخمس في كل يوم مرتين : مرة لنفسه ومرة لأخيه ! وليصومن من السنة شهرين : شهرا لنفسه وشهرا لأخيه ، وليكتمن ذلك عن أهله جميعا وليجعلن ذلك عهدا بينه وبين الله خاصة ، وليطعمن فقيرا أو يتما مما تصل إليه يده من طعام أو فاكهة قبل أن يأخذ بحظه منه . وشهد الله لقد وفى الصبي بهذا العهد أشهرا وما غير مسرته هذه إلا حين ذهب إلى الأزهر
س30 : كانت على الشاب الطبيب تتمثل لأخيه الصبي كل ليلة . وضح مظاهر ذلك .
من ذلك اليوم عرف الصبي أرق الليل فكم أنفق سواد الليل كاملا يفكر في أخيه ويقرأ سورة الإخلاص آلاف المرات ثم يهب ذلك كله لأخيه ، أو ينظم شعرا على نحو هذا الشعر الذي كان يقرؤه في كتب القصص يذكر فيه حزنه وألمه لفقد أخيه ، معنيا بألا يفرغ من قصيدة حتى يصلي في آخرها على النبي واهبا ثواب هذه الصلاة لأخيه
نعم ! ومن ذلك اليوم عرف الصبي الأحلام المروعة ، فقد كانت علة أخيه تتمثل له كل ليلة ، واستمرت الحال كذلك أعواما . ثم تقدمت به السن وعمل فيه الأزهر عمله ، فأخذت علة أخيه تتمثل له من حين إلى حين ، وأصبح فتى ورجلا ، وتقلبت به أطوار الحياة ، وإنه لعلى ما هو فيه من وفاء لهذا الأخ يذكره ويراه فيما يرى النائم مرة في الأسبوع على أقل تقدير .
ولقد تعزى عن هذا الفتى إخوته وأخواته ، ونسيه من نسيه من أصحابه وأترابه ، وأخذت ذكراه لا تزور أباه الشيخ إلا لماما ، ولكن اثنين يذكرانه أبدا وسيذكرانه أبدا ، وسيذكرانه أبدا أول الليل من كل يوم ، هما أمه وهذا الصبي .
ثالثاً : فيديو شرح الفصل التاسع قصة الايام للصف الثالث الثانوي
امتحان اون لاين